--------------------------------------------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
كل أمورنا في الحياة إما لنا أو علينا أو تكون لنا وعلينا في نفس الوقت كيف هذا ؟ لا تعجبون ! هذا واقع الحياة فإنه ينبئ عن تلك الحقيقة.
كتب الكثير وتكلم الكثير وأجريت استبيانات واستطلاعات كلها في موضوع المرأة الذكية ولكنها تصب في اتجاه واحد ألا وهو رأي الرجل بتلك المرأة الذكية ، وغالبا ما تكون استطلاعاتهم للرجال هل يفضلونها ذكية ، أو لماذا يخاف الرجل من المرأة الذكية لماذا لا يحب الرجال الارتباط بالمرأة الذكية؟ وهكذا.
أنا بودي لو أنطلق من منظور آخر ننحى به نحو توجيه قضية ذكاء المرأة إلى منحى آخر أخاطب به المرأة نفسها : هل نجاحك أيتها المرأة وذكاؤك يمثل نعمة أم نقمة عليك؟ هذا ما يهمني ، لذا أخذت أسأل النساء أنفسهن وطبعا الإجابات متفاوتة ومختلفة ، حيث وجدت أن المرأة الذكية والسعيدة بذكائها أكثر قدرة على إدارة المواقف بجدارة تلك التي تحيط بها ولديها ملكة إدراك السبل الصحيحة للسير في مجريات حياتها بطرق سليمة ، والمرأة الذكية هي التي لديها سعة أفق تصل به إلى العلياء في نفسها وأسرتها وأبنائها ، فالمرأة الذكية أكثر جودة في إدارة شؤون نفسها ومن حولها والمرأة الناجحة طموحة فلا وقت عندها لإثارة المشكلات لأتفه الأسباب فهي لديها أجندة وأهداف تريد إنجازها وسعيدة بما تحقق لنفسها ونجاحها ، هذا لابد أن يكون له إشعاعات تضيء لمن حولها وانعكاسات طيبة ، فهذه الأحوال كلها تدل على أن نجاح المرأة وذكاءها نعمة عظيمة حباها الله بها وتحتاج لشكر البارئ عز وجل ، وعلى النقيض تماماً هناك من ترى أن ذكاءها نقمة عليها وأخرى ترى أن نجاحها في الحياة في حد ذاته مصيبة تحتاج إلى الصبر، سبحان الله كيف هذا؟! تعالوا معي لأطلعكم كيف يكون الذكاء نقمة وكيف يكون النجاح مصيبة من المصائب ، امرأة تقول عن نفسها : إنني ذكية فلا أرضى أن يتهمني أحد بالغباء وأعتبره نهاية العالم كذلك ، أنا دائماً غاضبة لأن الناس هم الأغبياء فأتعب لأفهمهم مرادي وبعض المرات أظن أنهم يفهمون كل شيء وهم لا يفهمون.
وأخرى تقول: لأنني ذكية ففهمي للمواقف التي أتعرض لها في حياتي يتعبني ويسبب لي الشقاء لذا أتمنى لو أكون غبية حتى لا أفهم ما وراء الأحداث والمواقف ، وقديماً قالوا إن لم تكن غبياً فتغابى فأضطر للتظاهر بالغباء أمام الناس حتى أريح نفسي من الشقاء ، وامرأة أخرى تقول : ذكائي ونجاحي هما سبب عزوفي عن الزواج ، فها هو قطار السعادة قد فاتني بلمح البصر لأنني لم أقبل بمن هو دوني مستوى في ذكائه وتفكيره وشهادته ونجاحه فكنت أطمح للعبقري الفذ حتى جرى العمر وانقضت أيامي وأظلمت أحلامي ، وأتساءل بيني وبين نفسي لولا ذكائي ونجاحي وتفوقي لماذا حدث لي كل هذا فهذه مصيبتها.
وتشتكي أخرى من ذكائها وسعة مداركها وثقافتها وتعدد مواهبها فكل ذلك قد سبّب لي غيرة النساء مني إلى درجة الحسد على الرغم أني غير متعالية ولا متكبرة ! إلا أن صاحب النعمة محسود! إذن هي ترى أن هذه نقمة، يا ترى هل أدركتم معي قيمة سؤالي واستفهامي! هل ذكاء المرأة ونجاحها نعمة لها أم نقمة عليها؟
الذكاء والنجاح لا شك نعمة من الله سبحانه يمنّ بها البارئ سبحانه وتعالى على من يشاء من عباده ، فتخطئ من تظن أن ذكاءها سبب فشلها في الحياة وتعاستها مع الناس أو من اعتقدت بأن بسبب نجاحها قد فاتها قطار الزواج أو من ظلمت الدنيا بعينها بسبب غيرة من حولها لنجاحها وذكائها ... أقولها وبصوتٍ عالٍ لم يكن الذكاء نقمة ولا مصيبة ، أما النقمة والمصيبة فتكمن في النفس التي لم تستطع أن تتعامل مع ما حباها الله به ، فمن الذكاء الحقيقي أن أتعامل مع الناس جميعاً على قدر أفهماهم ، الصغير لنا مسالك في التعامل معه والكبير له أيضا طرقا في التعامل معه وكلٌ بحسب فهمه وإدراكه ، وقد قال علي بن أبي طالب عليه السلام : خاطبوا الناس بما يعقلون.. ، وأقول هذا هو الذكاء الحقيقي عندما نستطيع أن ننوع في خطاباتنا كلٌ حسب حاجته ومراده ، أما من حلمت بالارتباط بالعبقري الفذ وغرقت بالأحلام ولم تجد من ينقذها من الغرق أقول لو كنت ذكية مثل ما تظنين لأحسنت السباحة في هذه الحياة بمهارة ، وأما من تحزن لأن من حولها يحسدونها ويغارون منها لذكائها.. فلماذا الحزن والضيق فإما أن تحسني مشاركتهم لكِ في نجاحك ومشاريعك بمد يد العون وإظهار حسن النوايا معهم أو {قل موتوا بغيظكم..}.
على كل حال الذكاء الاجتماعي هو نعمة ما بعدها نعمة إن أحسنا استثماره استثمارا موفقا فسيكون هبة ربانية.