أنـا و..غربـة وطـن.فى رحله خلـويه!!

فى محرابه الواسع جلس معلمى
قليل الكلام كدأبه وجلست بين يديه
وألقيت عليه سؤالى الذى أرقنى لفتره طويله
"هل حاولت يوما اغتيال برائتك"!!
واصل سكوته لبعض الوقت
ثم مارس هوايته فى اعطاء الاجوبه غير المباشره
التى تبدو الغازا افهمها بعد حين
حيث قال لى"يا نهار اسود على التشوش"
ولما لم افهم مغزى اجابته عاجلته بالرد
ان هذه ليست اجابه للسؤال
وكأنه كان يدرى انى ساقول هذا
فقد رد فى سرعه "من اللى قالك"
وسكتّ انا فى محاوله للفهم وسكت هو محترما حيرتى
وبعد فتره من الصمت قمت من مجلسه
وبعدها نسيت حوارنا هذا لفتره اخذتنى فيها الحياه
لم اكن اعتقد انى سادرك العلاقه بين البراءه والتشوش يوما ما
وخاصة بهذه السرعه
غير انى قابلت فرصه ذهبيه كان لها الدور الاساسى
فى فهمى لتلك العلاقه وايجاد اجابه لسؤالى
حين ذهبت مع اصدقائى فى رحله
كل هدفها ان نستريح من كل المؤرقات
وحقيقة لم اكن اتصور ان كل هذا سيتحقق بنجاح
حتى هناك فى"الصحراء"حيث قررنا الابتعاد
وكانت اذنى لأول مره منذ وقت طويل تستقبل الهدوء
بترحاب من أرهقه صخب المدينه
كان المكان مثاليا لمن يبحث عن الراحه النفسيه
بعيدا عن كل المداخلات الالكترونيه
التى اقتحمت حياتنا وزاحمتنا فيها
هناك لم اكن مضطرا لتفحص بريدى الالكترونى بمجرد استيقاظى
ولا متابعة الجديد على الفاس بوك
حتى الارهاق الذهنى من زحام السيارات هربت منه
عندما لم اجد وسيلة مواصلات سوى الدراجه
هذا لم يكن اكثر من مقدمه تمهد لى
للتعرف على المتعه الحقيقيه حين خرجنا للصحراء
المكان الذى تكون فيه وحيدا مع الطبيعه ومع الحقيقه
حقيقة كل الاشياء
حقيقه الالوان التى لم تصنع بل خلقت
وحقيقتك المتجرده من كل صور المدينه
حيث لا فاصل بينك وبين نجوم السماء
التى كنت قد بدأت تنسى وجودها
من فرط رؤيتك لاعمده الاناره
حقيقة ان القمر هو من يضىء الدنيا ليلا
وليست اضواء الاعلانات
حقيقة حجمك الصغير بين الجبال
حقيقة البرااااح من حولك
الذى يشعرك باتساع روحك ورحابتها
حقيقة متعه موسيقى الصمت التى تذكرك
بأنك تستطيع ان تسمع صوتك الداخلى بوضوح وصفاء
وفوق كل هذا حقيقة الله
الذى لا يوجد ما يمكن ان يحجبك عنه او يبعدك عن قربه
لم اكن اتصور انى سأقدر ان اصل لهذه النقطه من الراحه
حين اسير صامتا وهادئا
مرتاحا الى الدرجه التى اشعر عندها
ان النقشبندى واقف بداخلى يشدو
"مولاى انى ببابك قد بسطت يدى"
وابصر امامه فى مشهدى الداخلى كل الحقائق
على اختلاف الوانها
وكأنى احلق وادور متوحدا مع الالوان
وكل ما حولنا عدا صوت النقشبندى
صامت وساكن احتراما لجلال اللحظه
حين لفنى الصمت والليل
شعرت انى قادر على ملامسه نجوم السماء
او امساك القمر من على قمة الجبل
الذى جلست عليه وحيدا
اشرقت شمس الصباح على فى المكان ذاته
كانت وكأنها الحقيقه تقترب منى بهدوء
وبعد طول احتجاب!
وشعرت للحظه اننى اقتربت من الله
مثلما لم اكن فى عمرى
وقتها فقط ادركت مغزى اجابة معلمى
حين فهمت علاقة التشوش بالبراءه
فأنا حين اقحمت نفسى فى خضم كل ما القته الحياه فى طريقى
وحولت حياتى الى أزرار ونوافذ الكترونيه وتشوشت بها
كنت فعلا أغتال برائتى
وابتعد عن حقيقتى الاصليه كإنسان مطلوب منه
ان يستمتع بما خلقه الله حتى يقترب من الله
دون ان يجعل المخلوق ينسيه الخالق
وحقيقتى كانسان ينبغى ان يصمت بعض الوقت
ليسمع جيدا ويقدر ان يفسر شيئا من الاصوات الكثيره المتداخله
حقيقتى كانسان من المفترض ان يحب نفسه ويحترمها
ليقدر ان يحب الناس
ويقدروا هم ان يحترموه
حقيقتى كإنسان
ماشى بنور الله
ادعى واقول
يارب
******
غربة وطن