أمر بطاعته وطاعة رسوله وذلك بامتثال أمرهما، الواجب والمستحب، واجتناب نهيهما. وأمر بطاعة أولي الأمر وهم: الولاة على الناس، من الأمراء والحكام والمفتين، فإنه لا يستقيم للناس أمر دينهم ودنياهم إلا بطاعتهم والانقياد لهم، طاعة لله ورغبة فيما عنده، ولكن بشرط ألا يأمروا بمعصية الله، فإن أمروا بذلك فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق. ولعل هذا هو السر في حذف الفعل عند الأمر بطاعتهم وذكره مع طاعة الرسول، فإن الرسول لا يأمر إلا بطاعة الله، ومن يطعه فقد أطاع الله، وأما أولو الأمر فشرط الأمر بطاعتهم أن لا يكون معصية.
بوب البخاري رحمه الله في صحيحه بابا سماه باب إكرام الكبير , ويبدا الاكبر بالكلام والسؤال(كتاب الادب) قال رحمه الله :
حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حمَّاد، هو ابن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، مولى الأنصار،" عن رافع بن خديج، وسهل بن أبي حثمة أنهما حدثاه:
أن عبد الله بن سهل ومحيصة بن مسعود أتيا خيبر، فتفرقا في النخل، فقتل عبد الله بن سهل، فجاء عبد الرحمن بن سهل وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتكلموا في أمر صاحبهم، فبدأ عبد الرحمن، وكان أصغر القوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (كبر الكبر)قال يحي : ليلي الكلام الاكبر , فتكلموا في امر صاحبهم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم :اتستحقون قتيلكم – أو قال صاحبكم- بأيمان خمسيم منكم ؟ قالوا يارسول الله , أمر لم نره , قال : فتبرؤكم يهود في أيمان خمسين منهم : قالوا: يارسول الله, قوم كفار: فوادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبله" قال سهل "فأدركت ناقة من تلك الإبل، فدخلت مربداً لهم فركضتني برجلها
قال الليث: حدثني يحيى، عن بشير، عن سهل: قال يحيى: حسبت أنه قال: مع رافع بن خديج
وقال ابن عيينة: حدثنا يحيى، عن بشير، عن سهل وحده .
قال الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى في (الجامع لاخلاق الراوي ج1) :
أنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي البزاز ، أنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار ، نا عيسى بن عبد الله ، نا الوليد بن مسلم ، عن ابن المبارك ، عن خالد ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : « البركة مع أكابركم » وقال ايضا رحمه الله في نفس الكتاب :أخبرني أبو بكر محمد بن المظفر بن علي بن حرب الدينوري ، نا أبو علي بن حبش ، نا عبد الله بن حمدان بن وهب ، نا أبو سعيد الأشج ، نا عبد الله بن إدريس ، نا مالك بن مغول ، قال : كنت أمشي مع طلحة بن مصرف ، فصرنا إلى مضيق فتقدمني ثم قال لي : « أعلم أنك أكبرلو كنت مني بيوم ما تقدمتك »وقال ايضا رحمه الله: أنا محمد بن الحسين القطان ، أنا دعلج بن أحمد ، نا أحمد بن علي الأبار ، نا أبو عمار ، عن الفضل بن موسى ، قال : « انتهيت أنا وعبد الله بن المبارك ، إلى قنطرة ، فقلت له : تقدم ، وقال لي : تقدم فحاسبته ، فإذا أنا أكبر منه بسنتين »
وقال ايضا رحمه الله: وأنا الحسين بن محمد بن الحسن ، أخو الخلال ، نا إسحاق بن محمد بن حمدان المهلبي ، ببخارى ، نا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب ، نا قيس بن أبي قيس ، نا محمد بن حرب المروزي ، نا إسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة ، عن أبيه ، قال : « رأيت الحسن بن عمارة وأبي انتهيا إلى قنطرة ، فقال له أبي : تقدم ، فقال : أتقدم ؟ تقدم أنت فإنك أفقهنا وأعلمنا وأفضلنا ».وقال ايضا رحمه الله: فقد أنبأنا الحسين بن عمر بن برهان الغزال ، أن إسماعيل بن محمد الصفار ، أخبرهم ، قال : نا أحمد بن سعيد الدمشقي ، نا الزبير يعني ابن بكار ، قال : سمعت محمد بن سلام الجمحي ، يقول : قال علي بن أبي طالب : « من حق العالم عليك أن تسلم على القوم عامة وتخصه دونهم بالتحية ، وأن تجلس أمامه ، ولا تشيرن عنده بيدك ، ولا تغمزن بعينيك ، ولا تقولن : قال فلان خلافا لقوله ، ولا تغتابن عنده أحدا ، ولا تسار في مجلسه ، ولا تأخذ بثوبه ، ولا تلح عليه إذا كسل ، ولا تعرض من طول صحبته ؛ فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيء ، وإن المؤمن العالم لأعظم أجرا من الصائم القائم الغازي في سبيل الله ، وإذا مات العالم انثلمت في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء إلى يوم القيامة