أخبرنا الشيخان الصالحان الثقتان: الشيخ تاج الدين أبو العباس أحمد بن علي بن أبي الفضائل العكبري الفقيه الشافعي، والشيخ كما الدين أبو حفص عمر بن محمد بن محمد بن حسين سبط الشيخ الإمام العالم الحافظ أبي محمد عبد الرحيم بن محمد بن الزجاج.
قراءة عليهما وأنا أسمع، في يوم الجمعة السادس عشر من شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة في مسجد السلامي بدار الخليفة مشرقي بغداد.
قيل لهما: أخبركما الشيخ الإمام العالم مجد الدين أبو الفضل عبد الله بن محمود بن مودود بن محمود بن بلدجي إجازة فأقرابه.
قالا: أخبرنا الشيخ الإمام الزاهد الصالح أبو بكر مسمار بن عمر بن محمد بن العويس النيار المقرئ البغدادي سماعاً لجميعه قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد بن علي الحافظ قال: أنا أبو بكر أحمد بن علي الطريبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحماني رحمة الله عليه، قال: قال أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجري، رحمه الله: أحق ما أستفتح به الكلام، الحمد لمولانا الكريم، وأفضل الحمد ما حمد به الكريم نفسه، فنحن نحمده به.
(الحَمدُ لِلّهِ الَّذي أَنزَلَ عَلى عَبدِهِ الكِتابُ وَلَم يَجعَلُ لَهُ عِوجاً قيماً ليُنذِرَ بَأَساً شَديداً مِن لَدُنهِ، وَيُبَشر المُؤمِنينَ الَّذين يَعمَلونَ الصالِحاتِ أَن لَهُم أَجراً حَسَناً ماكِثينَ فيهِ أَبَدَاً).
و(الحَمدُ لِلّه الَّذي لَهُ ما في السَمَواتِ وَما في الأَرض وَلَهُ الحَمدُ في الآَخِرَةِ وَهُوَ الحَكيمُ الخَبير يَعلَمُ ما يَلِجُ في الأَرضِ وَما يَخرِجُ مِنها وَما يَنزِلُ مِن السَماءِ وَما يَعرِجُ فيها وَهُوَ الرَحيمُ الغَفور).
أحمده على قديم إحسانه، وتواتر نعمه، حمد من يعلم أن مولاه الكريم علمه ما لم يكن يعلم، وكان فضله عليه عظيماً.
وأسأله المزيد من فضله، والشكر على ما تفضل به من نعمه، إنه ذو فضل عظيم.
وصلى الله على محمد عبده ورسوله، ونبيه، وأمينه على وحيه وعباده، صلاة تكون له رضاً، ولنا بها مغفرة، وعلى آله أجمعين وسلم كثيراً طيباً.
أما بعد: فإني قائل وبالله ألق التوفيق والصواب من القول والعمل، ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال أبو بكر: أنزل الله عز وجل القرآن على نبيه صلى الله عليه وسلم، وأعلمه فضل ما أنزل عليه، وأعلم خلقه في كتابه، وعلى لسان رسوله: أن القرآن عصمة لمن اعتصم به، وحرز من النار لمن اتبعه ونور لمن استنار به، وشفاء لما في الصدور، وهدى ورحمة للمؤمنين.
ثم أمر الله خلقه أن يؤمنوا به، ويعملوا بمحكمة: فيحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويعتبروا بأمثاله، ويقولوا: (آمنا بِهِ كُلُ مِن عِندَ رَبَنا).
ثم وعدهم على تلاوته والعمل به: النجاة من النار والدخول إلى الجنة ثم ندب خلقه عز وجل إذا هم تلوا كتابه أن يتدبروه ويتكفروا فيه بقلوبهم، وإذا سمعوه من غيرهم: أحسنوا استماعه.
ثم وعدهم على ذلك الثواب الجزيل فله الحمد.
ثم أعلم خلقه: أن من تلى القرآن وأراد به متاجرة مولاه الكريم فإنه يربحه الربح الذي لا بعده ربح، ويعرفه بركة المتاجرة في الدنيا والآخرة.
قال محمد بن الحسين: جميع ما ذكرته وما سأذكره إن شاء الله، بيانه في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن قول صحابته رضي الله عنهم وسائر العلماء، وسأذكر منه ما حضرني ذكره إن شاء الله والله الموفق لذلك. قال الله عز وجل (إِنَّ الَّذين يَتلونَ كِتابَ اللَهِ وَأَقاموا الصَلاةَ وأَنفَقوا مَمّا رَزقناهُمُ سِراً وَعلانيِةً يَرجونَ تِجارَةً لَن تَبورَ ليوفيهُمُ أُجورَهُم وَيزيدَهُم مِن فَضلِهِ إِنه غَفورٌ شَكور).
وقال عز وجل: (إِنِّ هَذا القُرآن يَهدي لِلَتي هِيَ أَقوَمُ وَيُبَشِرُ المُؤمِنينَ الَّذينَ يَعمَلونَ الصالِحاتِ أَنَّ لَهُمُ أَجراً كَبيراً. وَإِنَّ الَّذينَ لا يُؤمِنونُ بِالآخِرَةِ أَعتَدنا لَهُمُ عَذاباً أَليماً).
وقال عز وجل: (وَنُنَزَّلُ مِن القُرآنِ ما هُوَ شَفاءٌ وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنينَ وَلا يَزيدُ الظالِمينَ إِلا خَساراً).