ذكر الخطاب في كتابه عدالة السماء :
أنه كان ببغداد قبل قرابة الأربعين سنة
رجل يعمل جزارا يبيع اللحم
وكان يذهب قبل الفجر لدكانه
فيذبح الغنم ثم يرجع إلى بيته
وبعد طلوع الشمس
يفتح المحل ليبيع اللحم
في إحدى الليالي بعدما ذبح الغنم رجع في ظلمة الليل إلى بيته وثيابه ملطخة بالدماء
وفي أثناء الطريق سمع صيحة في أحد الأزقة المظلمة
فتوجه إليها مسرعا
وفجأة سقط على جثة رجل قد طعن عدة طعنات ودماؤه تسيل
والسكين مغروزة في جسده
فانتزع السكين
ثم أخذ يحاول حمل الرجل ومساعدته والدماء تنزف على ثيابه
لكن الرجل مات بين يديه
فاجتمع الناس
فلما رأوا السكين في يده والدماء على ثيابه
ورأوا الرجل وهو فزع خائف
اتهموه بقتل الرجل ثم حكم عليه بالقتل
فلما أحضر إلى ساحة القصاص وأيقن بالموت
صاح بالناس وقال : أيها الناس
أنا والله ما قتلت هذا الرجل
لكن قتلت نفسا أخرى منذ 20 سنة
والآن يقام علي القصاص
ثم قال : قبل 20 سنة كنت شابا فتيا أعمل على قارب ينقل
الناس بين ضفتي النهر
وفي أحد الأيام جاءتني فتاة غنية مع أمها فنقلتهما
ثم جاءتا في اليوم التالي وركبتا في قاربي
ومع الأيام بدأ قلبي يتعلق بتلك الفتاة
وهي كذلك تعلقت بي
خطبتها من أبيها لكنه أبى أن يزوجني لفقري
ثم انقطعت عني بعدها فلم أعد أراها ولا أرى أمها
وبقي قلبي معلق بتلك الفتاة
وبعد سنتين أو ثلاث
كنت في قاربي أنتظر الركاب
فجاءتني امرأة مع طفلها
وطلبت أن أنقلها إلى الضفة الأخرى
فلما ركبت وتوسطنا النهر
نظرت إليها فإذا هي صاحبتي الأولى التي فرق أبوها بيننا
ففرحت بلقياها
وبدأت أذكرها بسابق عهدنا والحب والغرام
لكنها تكلمت بأدب
وأخبرتني أنها قد تزوجت وهذا ولدها
فزين لي الشيطان الوقوع بها
فاقتربت منها وصاحت وذكرتني بالله
لكني لم ألتفت إليها
بدأت المسكينة تدافعني
بما تستطيع وطفلها يصرخ بين يديها
فلما رأيت ذلك أذخت الطفل وقربته من الماء
وقلت : إن لم تمكنيني من نفسك غرقته
فبكت وتوسلت
لكني ما التفت إليها
وأخذت أغمس رأس الطفل فإذا أشفى على الهلاك أخرجته
وهي تنظر إلي وتبكي وتتوسل
لكنها لا تستجيب لي
فغمست رأس الطفل في الماء
وشددت عليه الخناق
وهي تنظر وتغطي عينيها
والطفل تضطرب يداه ورجلاه حتى خارت قواه وسكنت حركاته
فأخرجته فإذا هو قد مات
فألقيت جثته في الماء
ثم أقبلت عليها فدفعتني بكل قوتها
وتقطعت من شدة البكاء
فسحبتها من شعرها
وقربتها من الماء وجعلت أغمس رأسها واخرجه
وهي تأبى علي الفاحشة
فلما تعبت يداي
غمست رأسها في الماء فأخذت تنتفض وتنتفض
حتى سكنت حركتها وماتت
فألقيتها في الماء ثم رجعت
ولم يكتشف أحد جريمتي
وسبحان من يمهل ولا يهمل
ثم قطع رأسه